تفاءل واكتم النفَس ثم أخرجه ببطء من أنفك على حلقات مثل مسلسل المساء، فقد بدأت أشك أن الحبر الفسفورى فيه إدمان لكثرة استعمالنا له فى الأيام المقبلة، ولأننى بعد كل استفتاء أحتاج إلى جرعة أكبر.. وإذا كان الدستور الجديد ليس فيه ما يمس الاقتصاد أو يغيره أو يعدله فماذا ننتظر لنبدأ الإنتاج؟ فالجميع متوقف عن العمل فى انتظار الدستور الجديد ليركبوه ويتوجهوا إلى منازلهم، حتى اختفت «الطماطم» بحجة ذهابها للمشاركة فى الثورة الليبية وظهر «الحرنكش» وأصبح موجوداً فى الشارع بقوة أكثر من بعض الأحزاب.. والموت الإكلينيكى للشعوب هو التوقف عن العمل..
والمواطن له ثلاث وجبات ودستور واحد، لذلك يجب أن نعمل بأكثر مما يتحدث الدكتور «الجمل» وهى مهمة شاقة بعد أن حطم الدكتور «يحيى الجمل» الرقم القديم المسجل باسم الدكتور «مصطفى الفقى» وأزاحه من المنافسة وأصبحت أتخيل برامج التليفزيون كالآتى: (٦ صباحاً: الافتتاح، ٧: رأى الدين فى يحيى الجمل، ٨: صباح الخير يا يحيى الجمل، ٩: أقوال الصحافة عن يحيى الجمل، ١٠: موجز أخبار يحيى الجمل، ١١: يحيى الجمل يحدثكم، ١٢: يحيى الجمل يحاوركم، ١: يحيى الجمل يناقشكم...... وهكذا حتى الواحدة صباحاً موعد نوم يحيى الجمل وانقطاع الإرسال).. وأنا أحب الدكتور «يحيى الجمل» وأحترمه لكن من يتحدث كثيراً يخطئ كثيراً وعلينا أن نعطى الناس قدوة فى قلة الكلام وكثرة العمل..
وإذا استمر الحال على ما هو عليه فسوف تنتج الأفران «دساتير» ساخنة وتجتمع اللجنة التأسيسية لإنتاج «رغيف» معدّل، وإذا استمرت سرقة الآثار بنفس المعدل فلن يتبقى فى مصر إلا «آثار الحكيم».. بعد بذل «الدماء» يبدأ عادة إفراز «العَرَق» لكننا اخترعنا «قفا العيد» ثم «إجازة الثورة»..
وفى عام ١٥١٦ كان المصريون يقولون (يا رب لا تجمع علينا «الطاعون» و«ابن عثمان») فإذا كان اختفاء عربات الشرطة هو «ثورة مضادة» فإن اختفاء أتوبيسات الشركات هو «عصيان مدنى»، ومعلوماتى فى الاقتصاد تقتصر على ضرورة الاختفاء من المنطقة فى أول كل شهر خوفاً من الدائنين، لكننى لا أرغب فى أن نتحول إلى عملاق سياسى يصنع دستوره، وقزم اقتصادى لا يزرع خبزه.. وإذا كنت تحب مصر وتعشق ترابها وتدمن حبرها الفسفورى فاتجه إلى مصنعك وأنتج فى «العمل» بأكثر مما يتحدث الدكتور «الجمل».
|
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق