الجمعة، 15 أبريل 2011

طباخ الرئيس

طباخ الرئيس

مختار نوح   |  14-04-2011 01:47

المقرر علي الشعب المصري الآن هو الفيلم العربي " طباخ الرئيس" ذلك أنك تجده علي القنوات الفضائية من أول " مش هتقدر تغمض عينيك" و إنتهاءاً " بالعرض المستمر" ..يعني " حقنة" إسمها فيلم " طباخ الرئيس " ...

وهذا الفيلم هو قصة المبدع الكبير "يوسف معاطي" وإن كنت أشك أنه كان يقصد إظهار الرئيس السابق "مبارك" في هذه الصورة الجميلة فهي صورة المتعاطف مع الشعب الذي يأمر طباخه بشراء الخبز المدعوم ويأمر الوزراء بأن يأكلوه بما فيه من مسامير حتي يشعروا بآلام الشعب .

و أنه يسأل عن سعر "طبق الكشري " حتي يتأكد من صدق كلام الوزراء بأن سعر طبق الكشري لا يزيد عن خمسين قرشاً ..و أنه يحضر الأفراح ويشارك الناس مشاعرهم و يسألهم عما يضايقهم و أن كل المشكلة لدي هذا الحاكم هو أن حاشيته تحاول أن تخفي عنه الحقائق .. بينما هو يبحث عن الحقيقة و أنه كان يجالس الطباخ ويسمع منه النكت..إلا أنه حزن كثيراً لما علم أن الطباخ كان يقوم برشوة عمال الحي وشرطة المرافق بتقديم وجبة مجانية لهم..وهذا الفيلم هو الشقيق الأصغر لمجموعة أفلام تزيين وتجميل الرئيس السابق والتي منها "جواز بقرار جمهوري" و"أمير الظلام" و"كراكون في الشارع" وغير ذلك كثير..علي العموم نحن نعرف قصد هذه القنوات الفضائية من عرض فيلم " طباخ الرئيس" فهو أولاً أصبح من الأفلام غير المطلوبة وثانياً فهو دعاية خفية تظهر الرئيس السابق بصورة المجني عليه من أفراد حاشيته الذين كانوا يخفون عنه الحقائق ..علي أي الأحوال فإنه يمكننا الرجوع إلي مؤلف الفيلم " يوسف معاطي " أو مخرج الفيلم "سعيد حامد" لمعرفة الغرض من هذه القصة..إلا أني أري أن هذه الأفلام تمثل جريمة في حق الشعوب وهي أقرب إلي المخدرات منها إلي الإبداع السينمائي..فعلي سبيل المثال كان الفنان عادل إمام " يعاني في فيلم " كراكون في الشارع" من إنهيار العقار علي رأسه وعلي رأس أمه وزوجته و أولاده..وأنه عاش حياة البهائم في خيام الإيواء ولم تهتم به الدولة كإنسان طوال أحداث الفيلم بل كانت تقوم بالقبض عليه بين حين و آخر حتي عاش في المقابر إلي آخر أحداث الفيلم..وبدلاً من أن تكون النتيجة الطبيعية أن تتم محاكمة رئيس الدولة المسئول عن حياة و كرامة هذا المواطن الذي تناسي مشاكل شعبه و أجرم في حق المطحونين و لم يوفر لهم الحد الأدني من الكرامة الإنسانية حتي ولو كان ذلك في شكل خيمة للإيواء محترمة يصان فيها العرض ..بدلاً من ذلك كله وصل بنا عادل إمام إلي تمجيد شخص الرئيس السابق الذي وافق في نهاية الفيلم علي أن يقيم هذا الشاب ومجموعة معه في الصحراء...وأصدر أوامره للبلدوزر بألا " يدهس" أي واحد منهم ..مع تسليط الكاميرا علي صورة الرئيس السابق الذي أنقذ الشباب من البلدوزر ..فإنتهي بنا عادل إمام و مؤلف الفيلم إلي تقدير المجرم الحقيقي في حق الشعب وفي حق الفقراء وعلي عكش مثل هذا النوع من الفنون فقد بشر الأديب الراحل " نجيب محفوظ" الأمة بخلاصها من الفتوة الظالم وذلك إذا ما إجتمعت الحرافيش وتحرك الشعب ضد الطغيان و كذلك وقف الأديب الراحل " ثروت أباظة " أمام جبروت الحكام في الستينيات في قصة " شيء من الخوف " ..ونادي بأن نهاية عتريس الطاغية أو أي طاغية لا يمكن أن تكون إلا علي يد الشعب ..بهذا يكون لدينا في مصر نوعان من الفن ..الأول هو الفن الحقيقي و أما النوع الثاني فهو يشبه " أراجوز السلطان الذي كان يضحك الحاكم ولو حتي بإضحاكه علي هموم الشعب ..

لقد ذهب العهد الذي كان ينافق فيه السلطان حتي تقتله الكلمات ونرجو ألا يتكرر هذا بعد الثورة مع كل من يحكم أو تكون بيده مقاليد الحكم ..فقد شهدنا بأعيننا من يحلل للحاكم الحرام و يجعل القبح أمامه جميلاً .. فيكون أشد ضرراً من السحرة و الدجالين ..ويجب أن نرصد مفتي السلطان فنهاجمه إذا ما ظهر..ونكشفه إذا ما تخفي .. حتي لو تخفي في زي الحكمة والوقار وبهذه المناسبة فيروي أن أحد السلاطين الجبابرة خرج مع ثلاثة من وزراءه كانوا يتسمون بالنفاق الشديد لكي يستعرض أمامهم قدرته في صيد البط فلما أطلق طلقته علي البطة طاشت الطلقة بعيداً ..وطارت البطة فرحة بنجاتها فنظر الحاكم إلي المنافقين الثلاثة ليعرف رأيهم في مهارته فتلعثم أولهم وسكت ثانيهم أما الثالث فقد كان أكثرهم نفاقاً فقال :

" سبحان الله ..البطة تطير وهي ميته "

وعجبي

هناك تعليق واحد: