السبت، 20 سبتمبر 2008

رمضان

ذهب الظمأ وابتلت العروق وثبت الأجـر إن شاء اللهمرحباً برمضان، شهر التوبة والرضوان، شهر الصلاح والإيمان، شهر الصدقة والإحسان، ومغفرة الرحمن، وتزين الجنان، وتصفيد الشيطانمرحباً أهلاً وسهلاً بالصياميا حبيباً زارنا في كل عامفاغفر اللهم ربي ذنبناثم زدنا من عطاياك الجسامهذا شهر العتق والصدق والرفق، رقاب تعتق، ونفوس ترفق، وأياد تتصدق، باب الجود في رمضان مفتوح، والرحمة تغدو وتروح، والفوز ممنوحفيه ترتاح الروح، لأنه شهر الفتوح، هنيئاً لمن صامه، وترك فيه شرابه وطعامَه، وبشرى لمن قامَه، واتبع إمامَه . القلب يصوم في رمضان، عن اعتقاد العصيان، وإضمار العدوان، وإسرار الطغيانوالعين تصوم عن النظر الحرام، فتغض خوفاً من الملك العلام، فلا يقع بصرها على الآثاموالأذن تصوم عن الخنا، واستماع الغنا، فتنصت للذكر الحكيم، والكلام الكريم . واللسان يصوم عن الفحشاء، والكلمة الشنعاء، والجمل الفظيعة، والمفردات الخليعة، امتثالاً للشريعة . واليد تصوم عن أذية العباد، ومزاولة الفساد، والظلم والعناد، والإفساد في البلاد. والرِجل تصوم عن المشي إلى المحرّم، فلا تسير إلى إثم ولا تتقدّم*******والله ما جئتكمو زائراًإلا وجدت الأَرض تُطوى ليولا انثنت رجلي عن بابكمإلا تعثرت بأذياليأما آن للعصاة أن ينغمسوا في نهر الصيام، ليطهروا تلك الأجسام، من الآثام . ويغسلوا ما علق بالقلوب من الحرامأما آن للمعرضين أن يدخلوا من باب الصائمين، على رب العالمين، ليجدوا الرضوان في مقام أمينإن رمضان فرصة العمر السانحة، وموسم البضاعة الرابحة، والكفة الراجحة، يوم تعظم الحسنات، وتكفّر السيئات، وتُمحى الخطيئاتإن ثياب العصيان آن لها أن تخلع في رمضان، ليلبس الله العبد ثياب الرضوان . وليجود عليه بتوبة تمحو ما كان من الذنب والبهتان *******إن مضى بيننا وبينك عتبحين شطت عنا وعنك الديارُفالقلوب التي تركت كما هيوالدموع التي عهدت غزارُفي رمضان كانت فتوحاتنا، وإشراقاتنا، وغزواتنا، وانتصاراتنافي رمضان نزل ذكرنا الحكيم، على رسولنا الكريم، وهو سر مجدنا العظيمفي رمضان التقى الجمعان، جمع الرحمن وجمع الشيطان، في بدر الكبرى يوم رجح ميزان الإيمان، ونسف الطغيان، وانهزم الخسران . في رمضان فتحت مكة بالإسلام، وتهاوت الأصنام، وارتفعت الأعلام، وعلم الحلال والحرامفي رمضان كانت حطين العظيمة، يوم انتصرت رايات صلاح الدين الكريمة، وارتفعت الملة القويمة، وصارت راية الصليب يتيمة*******صيام النفس في رمضان عزوف عن الانحراف، والانصراف والإسراف والاقتراف، فالنفس تعلن الرجوع، والقلب يحمل الخشوع، والبدن يعلوه الخضوع، والعين تجود بالدموعلشهر رمضان وقار فلا سباب، ولا اغتياب، ولا نميمة، ولا شتيمة، ولا بذاء، ولا فحشاء، وإنما أذكار واستغفار، واستسلام للقهار، فالمسلمون في رمضان كما قيلهينون لينون أيسـار بنو يُسْرٍأهل العبادة حفاظون للجارِلا ينطقون عن الفحشاء إن نطقواولا يمارون إن ماروا بإكثارِمردة الشياطين في رمضان تصفد بالقيود، فلا تقتحم الحدود، ولا تخالط النفوس في ذلك الزمن المعدودإذا سابّك أحد في رمضان فقل إني صائم، فليس عندي وقت للخصام، وما عندي زمن لسيء الكلام، لأن النفس خطمت عن الخطيئة بخطام، وزمّت عن المعصية بزمامإذا قاتلك أحد في رمضان فقل إني صائم فلن أحمل السلاح، لأنني في موسم الصلاح، وفي ميدان الفلاح، وفي محراب حي على الفلاح*******اغسل بنهر الدمع آثار الهوىتنسى الذي قد مر من أحزانِكان السلف إذا دخل رمضان، أكثروا قراءة القرآن، ولزموا الذكر كل آن، ورقعوا ثوب التوبة بالغفران، لأنه طالما تمزق بيد العصيانهذا الشهر هو غيث القلوب، بعد جدب الذنوب، وسلوة الأرواح بعد فزع الخطوبرمضان يذكرك بالجائعين، ويخبرك بأن هناك بائسين، وأن في العالمين مساكين، لتكون عوناً لإخوانك المسلمينفرحة لك عند الإفطار، لأن الهم ذهب وطار، وأصبحت على مائدة الغفار، بعد أن أحسنت في النهاروفرحة لك عند لقاء ربك، إذا غفر ذنبك، وأرضى قلبك*******بعض السلف في رمضان لزم المسجد، يتلو ويتعبد، ويسبح ويتهجدوبعضهم تصدق في رمضان بمثل ديته ثلاث مرات، لأنه يعلم أن الحسنات، يذهبن السيئات . وبعضهم حبس لسانه عن كل منكر، وأعملها في الذكر، وأشغلها بالشكرهذا شهر الآيات البينات، وزمن العظات، ووقت الصدقات، وليس لقراءة المجلات، والمساجلات، وقتل الأوقات، والتعرض للحرماتسلام على الصائمين إذا جلسوا في الأسحار، يرددون الاستغفار، ويزجون الدمع المدرار . وسلام عليهم إذا طلع الفجر، وطمعوا في الأجر، تراهم في صلاتهم خاشعين، ولمولاهم خاضعينوسلام عليهم ساعة الإفطار، بعد ذلك التسيار، وقد جلسوا على مائدة الملك الغفار، يطلبون الأجر على عمل النهارسبحان من جاعت في طاعته البطون، وبكت من خشيته العيون، وسهرت لمرضاته الجفون، وشفيت بقربه الظنونما أحسن الجوع في سبيله، ما أجمل السهر مع قيلة، ما أبرك العمل بتنـزيله، ما أروع حفظ جميلة*******لها أحاديث من ذكراك تشغلهاعن الطعام وتلهيها عن الزادلها بوجهك نور تستضيء بهومن حديثك في أعقابها حاديإذا تشكت كلال السير أسعفهاشوق القدوم فتحيا عند ميعادشهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن، هداية للبشرية، وصلاحاً للإنسانية، ونهاية للوثنية . القرآن حيث أصلح الله به القلوب، وهدى به الشعوب، فعمت بركته الأقطار ودخل نوره كل دارسمعتك يا قرآن قد جئت بالبشرىسريت تهز الكون سبحان الذي أسرى*******
فجدد توبتك وأكثر من الاستغفار ، وأسكن القلب محبة النبي بكثرة الصلاة عليه ( نريدها بالآلاف اليوم ) واشكر النعمة بكثرة الحمد ، وتحر ساعة الإجابة بالاعتكاف بين العصر والمغرب والدعاء قبيل الفطر -عائـض القرنـي